وضع داكن
30-05-2025
Logo
مركز رواد الخير - المحاضرة : 72 - إن الله يحبُّ .. وإن الله لا يحبُّ
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد  وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
 

من هم الذين يحبهم الله عز وجل ؟ 

 

1 ـ المحسنون :


أيها الأخوة الأحباب ؛ أيها الأخوة المؤمنون ؛ أيتها الأخوات المؤمنات ؛ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا اللقاء فيه نفع كبير لنا جميعاً ، اخترت لكم هذا الموضوع : " إن الله يحب ... إن الله لا يحب " .
من هم الذين يحبهم الله في القرآن الكريم ، بآيات القرآن الكريم ، ومن هم الذين لا يحبهم ؟ فالبطولة أن يحبك الله ، متى يحبك ؟ بهذه البنود التي تزيد عن عشرة بنود ، أول بند :

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)  ﴾

[ سورة البقرة ]

زوج محسن ، امرأة محسنة ، طبيب محسن ، عامل محسن ، الإحسان كلمة جامعة مانعة ، إحسان بإتقان العمل ، إحسان بالإخلاص ، إحسان بالدوام ، إحسان بالأداء ، فلذلك :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

  وإذا أحبك الله فأنت أسعد الناس قاطبة ، وإن لم يحبك الله فهذا الإنسان أشقى الناس قاطبة .

 فنحن في القرآن الكريم بالبحث ، بغوغل ، إن الله يحبّ ، مجموعة آيات ، إن الله لا يحب ، مجموعة آيات ، وأول آية :

﴿ وَأَحْسِنُوا  ﴾

مطلقة ، والمطلق على إطلاقه ، الإحسان بالعمل ، الإحسان بالدوام ، الإحسان بالإتقان ، الإحسان بالإخلاص ، الإحسان بالتلطف ،  الإحسان بالرحمة ، كلمة واسعة جامعة مانعة 

﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

وإذا أحبك الله فأنت أسعد الناس قاطبة ، وأنت بالتوفيق الموفق الأول ، وأنت بالحفظ المحفوظ الأول ، إذا أحبك الله ، إذا أحبك الله أحبك كل شيء ، وإن أبغض الله عبداً أبغضه الناس جميعاً .
لذلك لقاؤنا هذا الطيب من هم الذين يحبهم الله ؟ ومن هم الذين لا يحبهم الله ؟ أول بند : 

﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  ﴾

هذا الإحسان الإيجابي ، أتقنت عملك ، وفيت بعهدك ، رحمت زوجتك ، رحمت أولادك ، رحمت الضعيف أمامك ، رحمت الذي يشتري منك  لا تستغل جهله بالأسعار ، ترفع السعر أضعافاً مضاعفة

﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  ﴾

يوجد معنى للإحسان سلبي :

﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) ﴾

[ سورة المائدة ]

يوجد إحسان سلبي ، العفو إحسان ، والتجاوز إحسان ، والمغفرة إحسان ، وعدم التدقيق بالتفاصيل إحسان ، فأنت محسن إيجاباً بتقديم خدمة ، بتقديم مال ، مساعدة ، عمل ، نصيحة ، عمل متقن ، عمل مخلص ، وهناك إحسان سلبي .

﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  ﴾

 

﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

 
 إذا أحبك الله فأنت أسعد إنسان بالأرض ، إن أحبك الله فأنت الموفق ، أنت المتوازن ، أنت قوي الشخصية ، أنت المؤثر ، أنت الذي تُهاب ، من هاب الله هابه كل شيء ، ومن لم يهب الله أهابه الله من كل شيء .
 إذاً : 

﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  ﴾

واسعة جداً ، العفو إحسان ، الزيارة إحسان ، لك بنت بمكان بعيد ، وزوجها ضعيف ، ولك بنت زوجها غني ، هذه التي بمكان بعيد لو زرتها الأجر عشرة أضعاف

﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

وكلما كان الأشخاص من الدائرة الأولى فالإحسان واجب ، أول دائرة الأبناء ، والأحفاد ، والأصهار ، والكنائن ، هذه الدائرة الأولى ، إن صلحت صلحت الأسرة بأكملها .

 2 ـ كثيرو التوبة :

الآن جهة ثانية يحبها الله :

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) ﴾

[ سورة البقرة ]

كثيرو التوبة .

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) ﴾

[ سورة الزمر ]


الله عز وجل يحب التوابين ، والتوّاب صيغة مبالغة ، أي كثير التوبة ، كلما أخطأ يتوب إلى الله ، و البطولة ألا يعود لهذا الخطأ مرة ثانية

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾

الله عز وجل تواب رحيم ، يحب عباده التوابين ، يحب عباده الذين يقبلون التوبة ، إما أن تتوب ، أو أن تقبل توبة من معك .

3 ـ المتطهرون :

يوجد معنى آخر : إن الله يحب 

﴿ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

طبعاً يوجد طهارة مادية معروفة ، وهناك نفس طاهرة ، وقلب طاهر ، ونوايا طاهرة ، لا تبغض أحداً ، لا تكتم حقداً على أحد ، فهناك نفس طاهرة بداخلها وخارجها ، بخلوتها وجلوتها ، بعلاقاتها وانفرادها ، والله يحب

﴿ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾


 كلمة يحب أقرب علاقة مع الله أن تحبه ، الآية تقول :

﴿  بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) ﴾

[ سورة آل عمران ]

لابد من شرح لطيف : إنسان في غرفة مظلمة ، النوافذ مغلقة كلياً ، و لا يوجد إضاءة ، لا ترى أحداً ، أما عندما تفتح الضوء فترى كل شيء ، هذه حقيقة ثابتة ، وسهلة ، لكن يوجد موضوع أعمق من هذا ، فالعقل يرى بنور الله ، هناك عقل قد يرتكب حماقة ، وعقل يرتكب جريمة  ، متى يصح عمل العقل ؟ إذا استنار بنور الله .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)  ﴾

[ سورة الحديد ]

الآية الدقيقة جداً :

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  ﴾

يوجد نور إلهي بقلبك ، ترى به الحق حقاً ، و الباطل باطلاً ، ترى به الخير خيراً والشر شراً ، ترى به الصواب صواباً والخطأ خطأ ، هناك أناس يرون الصواب خطأ ، والخطأ صواباً ، هناك من يرى الشر خيراً ، والخير شراً ، هذه قضية مهمة جداً ، أنت ترى الخير خيراً ، والشر شراً ، والصواب صواباً ، والخطأ خطأ ، و الإحسان إحساناً ، والإساءة إساءة .
لذلك 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ  ﴾

﴿  بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾

أي أنت ترى بنور الله ، كما أن العين لا ترى المرئيات إلا بنور كهربائي ، أو نور الشمس ، أو القمر ، القلب لا يرى الحقائق إلا بنور الله ، القلب يحتاج إلى نور إلهي 

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ  ﴾


4 ـ المتوكلون :


الآن يوجد عندنا قانون دقيق جداً ، هذا القانون آيته :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) ﴾

[ سورة آل عمران ]


هذه الآية فيها قانون إلهي ، قانون الالتفاف والانفضاض ، هذا القانون يحتاجه الأب ، تحتاجه الأم ، يحتاجه الأخ الأكبر ، والأخت الكبرى ، يحتاجه كل إنسان له منصب قيادي ، مدير المدرسة ، مدير الجامعة ، مدير الدائرة ، أي منصب قيادي ، هذا المنصب يحتاج هذه الآية ، يا صاحب المنصب الرفيع ! هؤلاء الذين حولك ، متى يلتفون حولك ؟ متى يخلصون لك ؟ متى يتفانون في خدمتك ؟ بشرط أن هذا الذي تحتك ترحمه .

5 ـ من كان ليناً :


﴿  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ  ﴾

أي يا محمد ، و أنت سيد الخلق ، وحبيب الحق ، بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم التفوا حولك ، فلما التفوا حولك أحببتهم وأحبوك ، أي إنسان يحتل منصباً قيادياً ، ولو معلم بالصف ، ولو مدرس ، ولو أستاذ جامعي ، ولو رئيس دائري ، أي من الخفير إلى الأمير فوق فوق .

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

من خلال اتصالك بنا اشتققت الرحمة منا ، هذه الرحمة جعلتك ليناً مع من حولك ، لست قاسياً ، بسبب هذا اللين التفوا حولك ، وأحبوك ، و تفانوا في خدمتك ، وأنت أنت يا محمد ، افتراضاً ، لو كنت منقطعاً عنا افتراضاً ، لامتلأ القلب قسوة ، ولانعكست القسوة غلظة ، وعندئذٍ ينفضوا من حولك .

﴿  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

يا محمد ، و أنت أنت 

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ  ﴾

يوجد ملمح دقيق في الآية : 

﴿ وَشَاوِرْهُمْ ﴾

المشاورة منهج إسلامي ، أمر النبي الكريم ، الرسول ، الذي يوحى إليه ، المؤيد ، قال له : أنت أنت بالذات 

﴿ وَشَاوِرْهُمْ ﴾

  المشاورة فيها تلاقح أفكار ، فيها تبادل خبرات

﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾

لكن ( فَإِذَا عَزَمْتَ ) لا يوجد هنا فإذا عزمتم 

﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ ﴾

المصلحة تقتضي ذلك ، اتخذ قراراً ، و نفذ هذا القرار

﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ  ﴾

إذاً يحب

﴿ الْمُحْسِنِينَ ﴾

و يحب المحسن السلبي :
 

﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)  ﴾

[ سورة الشورى ]

يحب التوابين ، يحب المتطهرين بمعانيها الواسعة ، طهارة النفس ، الكلام ،  العلاقات

﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ  ﴾

الأخيرة :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ  ﴾

كنت ليناً لهم ، أي بسبب اتصالك بنا يا محمد اشتققت من هذا الاتصال الرحمة ، هذه الرحمة انعكست ليناً ، وهذا اللين جعلهم يلتفون حولك ويحبونك ، بل ويتفانون في خدمتك ، و أنت أنت بالذات لو كنت افتراضاً منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة ، و لانعكست القسوة غلظة

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ ﴾

  هذا قرار اتخذته ، سألتهم ، أخذت آراءهم ، جبرتهم ، جبرت كسرهم ، أحبوك ، شعروا بقيمتهم أمامك ، شعروا بدورهم الأساسي في إدارة هذا العمل ، لكن القرار بالنهاية : 

﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾

أي لا تتردد ، و التردد من صفات عدم الناجحين .

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ  ﴾

معنى ذلك أنه

﴿ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

  ويحب من عفا   

﴿  وَاصْفَحْ ﴾

  من عفا وصفح ، هذا محسن سلبي ، يحب التوابين ، يحب المتطهرين ، يحب المتقين .
 أما أدق آية في هذا اللقاء الطيب : 

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ  وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ  ﴾

﴿  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ  ﴾

الآن :

﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

صار 

﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ  ﴾

و

﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾


  6 ـ المقسطون :


الآن :
 

﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)﴾

[  سورة المائدة ]


أي بالعدل 

﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  ﴾

هذا المنصف ، يأخذ ما له فقط ، لا يأخذ ما ليس له ، واسعة جداً ، بالإرث ، بالعلاقات ، بالأرباح، بالخسائر ، باللقاءات ، لا يوجد آية تدور مع الإنسان طوال حياته كهذه الآية :

﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ  ﴾

أي بالعدل 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  ﴾

أحياناً يكون الأخ الكبير أخوته كلهم صغار يهابونه ، يجب أن تعطيهم حقهم بالتمام و الكمال :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  ﴾

شريك والشركة باسمه ، وشريك ثان ممول ، ليس له اسم بالشركة ، مركزه ضعيف أمام القانون ، يجب أن تعطيه حقه بالتمام و الكمال لأن :

﴿ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  ﴾

﴿  وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ﴾

أي بالعدل

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  ﴾

 

7 ـ المتقون :


سيدنا عمر سأل أحد الولاة : ماذا تفعل إذا جاءك سارق أو ناهب ؟ قال : أقطع يده، قال : فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك ، إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم ، ونستر عورتهم ، ونوفر لهم حرفتهم ، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً ، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية ، شيء دقيق جداً ، ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ فقال هذا الوالي : أقطع يده ، قال له : إذاً إن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك ، إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم ، ونستر عورتهم ، ونوفر لهم حرفتهم ، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها ، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل ، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً ، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية .
سيدنا عمر عيّن والياً في بعض أقاليم البلاد الإسلامية ، قال له : خذ عهدك وانصرف إلى عملك ، واعلم أنك مصروف رأس سنتك ، وأنك تصير إلى أربع خلال ، إن وجدناك أميناً ضعيفاً استبدلناك لضعفك ، وسلمت من معرتنا أمانتك ، وإن وجدناك خائناً قوياً استهنا بقوتك ، وأوجعنا ظهرك ، وأحسنا أدبك ، وإن جمعت الجرمين جمعنا عليك المضرتين ، وإن وجدناك أميناً قوياً زدناك في عملك ، ورفعنا لك ذكرك ، وأوطأنا لك عاقبتك .

إذاً :

﴿  كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7)﴾

[ سورة التوبة ]

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4) ﴾

[ سورة الصف ]

هذا التعاون ، بالحرب هناك إنكار للذات ، إذا عزّ أخوك فهن أنت ، نجح في القيادة دع القيادة له ،

﴿ كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾

  هؤلاء الذين يحبهم الله عز وجل ، يحب المحسنين الإيجابيين ، يحب المحسنين السلبيين 

﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ ﴾

﴿  يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

يحب

﴿ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾

يحب من كان ليناً في معاملته ، لما كان ليناً القلوب مالت إليه ، وانتفعت به ، ولو كان

﴿ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ ﴾

لانفض الناس من حوله ، هذه الآية دقيقة ، يحتاجها الأب ، والأم ، والعم ، والخال ، والمعلم ، و المدرس ، وأي منصب قيادي .

﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

هذه بعض الآيات التي تتعلق بمن يحبهم الله . والمقسطين كذلك:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)﴾

 

[ سورة التوبة]

في أداء العهود

﴿ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ  ﴾

 

8 ـ من كانوا صفاً واحداً :

آخر آية عن الجهاد :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾

وكم من معركة انتهت بالهزيمة لاختلاف المقاتلين ، في الأزمات إذا عز أخوك فهن أنت . 
 

من هم الذين لا يحبهم الله عز وجل ؟ 

 

1 ـ من يجهر بالسوء :


من هم الذين لا يحبهم الله عز وجل ؟ 

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (148) ﴾

[ سورة النساء ]

﴿  لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾

يوجد إنسان أساء لك ، ما من داع لأن تتكلم بقصته أمام الناس كلهم ، أما للقاضي فتتكلم له ، أو تتكلم أثناء المصالحة ، أما نقل القصة للناس كلها فهذه إساءة

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ﴾

 

2 ـ من يفسد إنساناً على آخر :


الآن الآية الثانية : 

﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) ﴾

[ سورة البقرة ]

إفساد إنسان عن والديه ، إفساد زوجة عن زوجها ، هذا كله مما لا يحبه الله عز وجل ، ( لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) ، حينما الشيء يخرج من حقيقته ، من هويته ، هذا فساد ، أفسدت الابن على أبيه ، أفسدت الزوجة على زوجها ، أفسدت الخادم على مخدومه .

﴿  وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)  ﴾

[ سورة البقرة ]

هذا المنهج ، من يحب ، ومن لا يحب ، العدوان لا يحبه الله ، أما الدفاع عن النفس فمقبول .
 

3 ـ الظالمون :


﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)  ﴾

[ سورة آل عمران ]

(( عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشُّحّ ، فإن الشحّ أهلك من كان قبلِكم  حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم   ))

[ أخرجه مسلم ]


كل أنواع الظلم ، دق أو كثر ، عمّ أو كان محدوداً ، أنواع الظلم كلها لا يحبه الله عز وجل

﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ  ﴾


 4 ـ  المسرفون :


أيضاً :

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) ﴾

[ سورة الأعراف ]

دققوا :

﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾

لا في الطعام والشراب فقط ، في كل شيء ،  في اللباس ، في السفر 

﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين  ﴾

 

5 ـ الخائنون :


الآن :

﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58)  ﴾

[ سورة الأنفال ]

الخيانة جريمة ، الخيانة واسعة جداً ، قد يخون الإنسان زوجته ، وقد تخون زوجها ، وقد يخون الشريك شريكه ، الخيانة واسعة جداً ، بين زوجين ، بين شريكين ، بين قريبين ، بين موظفين ، الخيانة لا يحبها الله أبداً .
 

6 ـ الفرحون بالدنيا :


الآن يوجد آية تحتاج لشرح :

﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76)﴾

[ سورة القصص ]

الفرح في الدنيا ، أي اشترى بيتاً واسعاً ، كلما جاءه ضيف دعاه لرؤية البيت ، الفرح بالدنيا لا يحبه الله ، أما تفرح بطاعة لله ، تفرح بعبادة ، بعمل صالح ، بعمل خيري ، بدعوة إلى الله فلا يوجد مانع ، هذا شيء طبيعي ، لا تفرح بالدنيا لأنها زائلة .
 

7 ـ كلّ كفّار أثيم :


﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) ﴾

[ سورة البقرة ]

﴿  لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ ﴾

  صيغة مبالغة 

﴿ أَثِيمٍ ﴾

  آثم ، حينما يبدل الصدقة بالربا ، وكل قرض جرّ نفعاً فهو ربا ، نفع مادي ، مالي ، أو نفع من نوع آخر .

﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) ﴾

[ سورة لقمان ]

هذه كلها متعلقة بالذين يحبهم الله ، والذين لا يحبهم الله .
وأرجو الله أن يحفظ إيمانكم جميعاً ، وأهلكم ، ومن يلوذ بكم .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور